فصل: (كِتَابُ الصُّلْحِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الْعِشْرُونَ فِي إقْرَارِ الْوَصِيِّ بِالْقَبْضِ):

قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَصْلِ إذَا أَقَرَّ وَصِيُّ الْمَيِّتِ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَى فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَلَمْ يُسَمِّ كَمْ هُوَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا قَبَضْت مِنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْغَرِيمُ كَانَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَبَضَهُ الْوَصِيُّ بِتَمَامِهِ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ وَاجِبًا بِإِدَانَةِ الْمَيِّتِ وَأَقَرَّ الْوَصِيُّ أَوَّلًا بِاسْتِيفَاءِ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ ثُمَّ أَقَرَّ الْغَرِيمُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَدْ اسْتَوْفَى مِنْهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْغَرِيمُ بَرِئَ عَنْ الْأَلْفِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَهُ بِشَيْءٍ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ قَبَضَ مِائَةً وَلَا يُصَدَّقُ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَصِيِّ حَتَّى لَا يَضْمَنَ تِسْعَمِائَةٍ لِلْوَارِثِ بِسَبَبِ الْجُحُودِ فَإِنْ قَامَتْ لِلْمَيِّتِ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ عَلَى الْغَرِيمِ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِأَنْ أَقَامَ الْوَارِثُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ غَرِيمُ الْمَيِّتِ كَانَ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الْأَلْفِ حَتَّى لَمْ يَكُنْ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَ الْغَرِيمَ بِتِسْعِمِائَةٍ وَيَضْمَنَ الْوَصِيُّ تِسْعَمِائَةٍ لِلْوَارِثِ وَإِذَا أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا أَنَّ الدَّيْنَ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ.
قَالَ وَهُوَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ يَكُونُ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الْأَلْفِ بِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ تِسْعَمِائَةِ لِلْوَرَثَةِ بِالْجُحُودِ هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا إنْ قَالَ الْوَصِيُّ وَهُوَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ فَأَمَّا إذَا قَالَهُ مَوْصُولًا بِأَنْ قَالَ اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ مِائَةٌ وَقَالَ الْغَرِيمُ لَا بَلْ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَالْوَصِيُّ يُصَدَّقُ فِي هَذَا الْبَيَانِ حَتَّى كَانَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَ الْغَرِيمَ.
بِتِسْعِمِائَةٍ وَالْجَوَابُ فِيمَا إذَا أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا بِدَيْنٍ أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا كَانَ إقْرَارُ الْوَصِيِّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوَّلًا هَذَا إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بِإِدَانَةِ الْمَيِّتِ فَأَمَّا إذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بِإِدَانَةِ الْوَصِيِّ إنْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ مَفْصُولًا وَهُوَ مِائَةٌ ثُمَّ أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ أَلْفًا يَبْرَأُ الْغَرِيمُ عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ وَلَا يَضْمَنُ الْوَصِيُّ شَيْئًا لِلْوَرَثَةِ بِقَوْلِ الْغَرِيمِ وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ يَكُونُ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الدَّيْنِ بِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ وَيَضْمَنُ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ إمَّا لِجُحُودِهِ أَوْ لِإِبْرَائِهِ وَإِنْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا بِالدَّيْنِ ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ وَهُوَ مِائَةٌ مَفْصُولًا عَنْ إقْرَارِهِ يَكُونُ الْغَرِيمُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ لِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ وَإِنْ قَالَهُ مَوْصُولًا اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ، ثُمَّ قَالَ الْغَرِيمُ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَبَضْتَهُ فَإِنَّ الْغَرِيمَ يَكُونُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ مَا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يَكُونَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَتْبَعَهُ بِشَيْءٍ وَلَا يَضْمَنُ لِلْوَرَثَةِ إلَّا قَدْرَ مَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِاسْتِيفَائِهِ وَإِذَا أَقَرَّ الْغَرِيمُ أَوَّلًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ الْوَصِيُّ اسْتَوْفَيْت جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ فَالْغَرِيمُ يَكُونُ بَرِيئًا عَنْ جَمِيعِ الْأَلْفِ وَيَضْمَنُ الْوَصِيُّ لِلْوَرَثَةِ تِسْعَمِائَةٍ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
بَاعَ مَالًا لِلْوَرَثَةِ فَأَشْهَدَ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ ثَمَنِهِ وَهُوَ مِائَةٌ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بَلْ كَانَ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَالْقَوْلُ لِلْوَصِيِّ وَلَا يَضْمَنُ الْغَرِيمُ وَكَذَا الْوَصِيُّ شَيْئًا وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى وَهُوَ جَمِيعُ الثَّمَنِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَلِلْوَصِيِّ قَبْضُ الْخَمْسِينَ الْفَضْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَاعَ مَالَ نَفْسِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى فِي جَمِيعِ مَا لِلْمَيِّتِ عَلَى فُلَانٍ وَهُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِائَتَا دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْغَرِيمَ يُؤْخَذُ بِالْمِائَةِ الْفَاضِلَةِ وَلَا يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ عَلَى إبْطَالِهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عِنْدَ فُلَانٍ وَدِيعَةً أَوْ مُضَارَبَةً أَوْ شَرِكَةً أَوْ بِضَاعَةً أَوْ عَارِيَّةً ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا قَبَضْت مِنْهُ مِائَةً فَإِنَّ الْوَصِيَّ بِالِاسْتِيفَاءِ أَوَّلًا ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ قَبَضْت مِائَةً وَقَالَ الْمَطْلُوبُ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَقَدْ قَبَضَهُ فَإِنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ أَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ وَيَكُونُ الْمَطْلُوبُ بَرِيئًا عَنْ الْجَمِيعِ كَمَا فِي الدَّيْنِ وَإِنْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ الْمَطْلُوبِ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْوَصِيَّ ضَامِنٌ لِذَلِكَ وَلَا يَضْمَنُ الْمَطْلُوبُ هَذَا إذَا قَالَهُ مَفْصُولًا، فَأَمَّا إذَا قَالَهُ مَوْصُولًا ثُمَّ أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِأَنَّ مَا عِنْدَهُ كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِأَنَّهُ قَبَضَ مِنْهُ مِائَةً وَلَا يَتْبَعُ الْمَطْلُوبَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ هَذَا فِي الدَّيْنِ فَإِنَّهُ يَتْبَعُ الْغَرِيمَ بِالْبَاقِي وَإِذَا أَقَرَّ الْمَطْلُوبُ أَوَّلًا أَنَّ الْأَمَانَةَ عِنْدَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِلْمَيِّتِ ثُمَّ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَهُوَ مِائَةٌ فَإِنْ قَالَهُ مَفْصُولًا صَارَ ضَامِنًا لِلْكُلِّ وَإِنْ قَالَهُ مَوْصُولًا لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ وَلَا يَتْبَعُ الْمَطْلُوبَ بِشَيْءٍ بِخِلَافِ الدَّيْنِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ كُلَّ دَيْنٍ لِفُلَانٍ عَلَى النَّاسِ فَجَاءَ غَرِيمٌ لِفُلَانٍ فَقَالَ قَدْ دَفَعْت إلَيْك كَذَا وَقَالَ الْوَصِيُّ مَا قَبَضْت مِنْك شَيْئًا وَمَا عَلِمْت أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْك شَيْئًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَيُؤَاخَذُ الْغَرِيمُ بِذَلِكَ وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَصْلِ هَذَا الدَّيْنِ لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ مِنْهُ شَيْءٌ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِقَبْضِ شَيْءٍ مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنَيْهِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ قَبَضْت كُلَّ دَيْنٍ لِفُلَانٍ بِالْكُوفَةِ وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْقَبْضِ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا لِفُلَانٍ الْمَيِّتِ عَلَى النَّاسِ مِنْ دَيْنٍ اسْتَوْفَاهُ مِنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ لِلْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْوَصِيُّ لَيْسَ هَذَا فِيمَا قَبَضْت فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَصِيَّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى مَا عَلَى فُلَانٍ مِنْ دَيْنِ الْمَيِّتِ وَقَالَ الْغَرِيمُ كَانَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقَالَ الْوَصِيُّ قَدْ كَانَ عَلَيْك أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَكِنَّك أَعْطَيْتَ خَمْسَمِائَةٍ فِي حَيَاتِهِ إلَى الْمَيِّتِ وَخَمْسَمِائَةٍ دَفَعْتهَا إلَيَّ بَعْدِ مَوْتِهِ.
وَقَالَ الْغَرِيمُ بَلْ دَفَعْتُ الْكُلَّ إلَيْك يَضْمَنُ الْوَصِيُّ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَلَكِنْ تَسْتَحْلِفُ الْوَرَثَةُ عَلَى دَعْوَاهُ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَبَضَ جَمِيعَ مَا فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ الْمَيِّتِ مِنْ مَتَاعِهِ وَمِيرَاثِهِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ هُوَ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ أَثْوَابٍ وَأَقَامَ الْوَرَثَةُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي مَنْزِلِ فُلَانٍ يَوْمَ مَاتَ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ ثَوْبٍ لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ أَكْثَرُ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ قَبَضَهُ كَذَا فِي الْحَاوِي.
وَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ مَا فِي ضَيْعَةِ فُلَانٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ مَا فِي نَخْلِهِ هَذَا مِنْ تَمْرٍ أَوْ أَنَّهُ قَبَضَ زَرْعَ هَذِهِ الْأَرْضِ ثُمَّ قَالَ هُوَ كَذَا وَادَّعَى الْوَارِثُ أَكْثَرَ مِنْهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذِهِ الضَّيْعَةِ كَذَا وَكَذَا لَمْ يَلْزَمْ الْوَصِيَّ زِيَادَةٌ عَلَى مَا أَقَرَّ بِقَبْضِهِ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنَّهُ قَبَضَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّ الْمُكَاتَبَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ أَلْفٌ وَقَبَضَ الْمَيِّتُ مِنْهَا تِسْعَمِائَةٍ فِي حَيَاتِهِ وَقَبَضْت أَنَا مِنْهَا بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَالَ الْمُكَاتِبُ قَبَضْت الْأَلْفَ كُلَّهَا وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ الْوَصِيَّ أَقَرَّ أَنَّهُ اسْتَوْفَى جَمِيعَ مَا كَانَ عَلَى الْمُكَاتَبِ لَزِمَ الْوَصِيَّ الْأَلْفُ كُلُّهُ بَعْدَ حَلِفِ الْوَرَثَةِ أَنَّهُمْ لَا يَعْمَلُونَ قَبْضَ الْمَيِّتِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا أَقَرَّ الْوَصِيُّ أَنَّهُ قَدْ اسْتَوْفَى مَا عَلَى مُكَاتَبِ فُلَانٍ الْمَيِّتِ وَهُوَ مِائَةٌ وَالْمُكَاتَبُ مَعْرُوفٌ يَدَّعِي ذَلِكَ وَيَقُولُ قَبَضْت مِنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ وَهِيَ جَمِيعُ مُكَاتَبِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي الْمِائَةِ وَيَلْزَمُ الْمُكَاتِبَ تِسْعُمِائَةٍ وَإِنْ أَقَرَّ الْوَصِيُّ بِقَبْضِ الْمُكَاتَبَةِ مِنْهُ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّ أَصْلَ الْمُكَاتَبَةِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَقَرَّ بِذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَشْهَدَ الْوَصِيُّ بِالْقَبْضِ فَالْوَصِيُّ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ الْأَلْفِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

.(الْبَابُ الْحَادِي وَالْعِشْرُونَ فِيمَنْ فِي يَدَيْهِ مَالُ الْمَيِّتِ إذَا أَقَرَّ بِوَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ):

رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ مَالٌ لِإِنْسَانٍ غَائِبٍ وَمَاتَ الْغَائِبُ فَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ ذُو الْيَدِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ سَوَاءٌ قَالَ إنَّ لِلْمَيِّتِ وَارِثًا آخَرَ أَوْ لَمْ يَقُلْ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ وَإِلَّا دَفَعَ إلَيْهِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ قَالَ يَتَأَنَّى وَيَتَلَوَّمُ الْقَاضِي يَكُونُ ذَلِكَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ وَيَعْنِي يَتَحَرَّى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ آخَرُ لَحَضَرَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَذَا فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فِي كِتَابِ الدَّعْوَى.
فِي الْإِمْلَاءِ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ تُوُفِّيَ وَتَرَكَ مَالًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَادَّعَتْ امْرَأَةٌ أَنَّهَا زَوْجَةُ الْمَيِّتِ وَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ صَدَقْتُمَا وَلَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَكُمَا وَكَذَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَالْقَاضِي يَتَلَوَّمُ زَمَانًا ثُمَّ يُعْطِي الِابْنَ الْمَالَ كُلَّهُ بَعْدَمَا يَسْتَحْلِفُهُ عَلَى عِلْمِهِ عَلَى دَعْوَى الْمَرْأَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ امْرَأَةٌ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ زَوْجُهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ بِزَوْجٍ أَوْ زَوْجَةٍ أَوْ أَخٍ لِأُمٍّ أَوْ عَمَّةٍ أَوْ خَالَةٍ أَوْ كُلِّ ذِي نَسَبٍ وَمَوْلَى الْعَتَاقَةِ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ فِي هَذَا فَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا ابْنَةُ الْمَيِّتِ وَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ أَعْتَقَ الْمَيِّتَ وَقَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ صَدَقْتُمَا أَوْ قَالَ هَذِهِ ابْنَتُهُ وَهَذَا مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ أَوْ بَدَأَ بِالْمَوْلَى ثُمَّ بِالِابْنَةِ فَهُمَا سَوَاءٌ وَالْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَإِنْ كَانَا مُتَكَاذِبَيْنِ بَيْنَهُمَا وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ بِمَنْزِلَةِ الزَّوْجَيْنِ وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ امْرَأَةٌ وَهَذَا الْمَالُ لِرَجُلٍ فَقَالَتْ الْمَرْأَةُ الَّتِي فِي يَدَيْهَا الْمَالُ أَنَا زَوْجَةُ الْمَيِّتِ وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ زَوْجَتُهُ أَيْضًا وَهَذَا الرَّجُلُ مَوْلَى الْمَيِّتِ قَدْ كَانَ أَسْلَمَ الْمَيِّتُ عَلَى يَدَيْهِ وَوَالَاهُ وَقَالَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ أَنَا زَوْجَتُهُ دُونَك وَقَالَ مَوْلَى الْمُوَالَاةِ أَنَا وَارِثُهُ دُونَكُمَا فَالْقَاضِي يَجْعَلُ رُبْعَ الْمَالِ بَيْنَ الزَّوْجَتَيْنِ وَالْبَاقِيَ لِمَوْلَى الْمُوَالَاةِ هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّ ابْنَهُ وَقَالَ هَذَا ابْنُهُ وَقَالَ: لَا أَدْرِي أَلَهُ وَارِثٌ آخَرُ أَمْ لَا؟ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ وَيَنْظُرُ فَإِنْ جَاءَ وَارِثٌ آخَرُ وَإِلَّا دَفَعَ الْمَالَ وَإِنْ قَالَ لَا أَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا آخَرَ لَا يَتَلَوَّمُ بَلْ يَدْفَعُ إلَيْهِ.
الْمَالَ كَذَا فِي شَرْحِ أَدَبِ الْقَاضِي لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالسَّبْعِينَ فِي إثْبَاتِ النَّسَبِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ لِرَجُلٍ أَنْتَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلَا أَدْرِي أَلَهُ وَارِثٌ آخَرُ يَحْجُبُك عَنْ الْمِيرَاثِ وَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي لَمْ يَكُنْ لِلْأَخِ مِيرَاثٌ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ.
وَلَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ أَنْتَ أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَلَهُ أَخٌ آخَرُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَأَنْتُمَا وَارِثَاهُ جَمِيعًا لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَكُمَا وَقَالَ الْمُدَّعِي أَنَا أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ فَإِنْ جَاءَ وَارِثٌ آخَرُ وَإِلَّا دَفَعَ الْمَالَ كُلَّهُ إلَى هَذَا الْمُدَّعِي كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الْمَيِّتَ عَبْدُهُ وَأَنَّ الْمَالَ مَالُ عَبْدِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَجَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّهُ ابْنُ الْمَيِّتِ وَأَنَّ الْمَيِّتَ حُرٌّ لَمْ يَمْلِكْ قَطُّ، وَأَنَّهُ وَارِثُهُ وَاَلَّذِي فِي يَدِهِ الْمَالُ يَقُولُ إنَّ الْمَيِّتَ عَبْدٌ وَكَذَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فَإِنَّ الْمَالَ لِلْمَوْلَى دُونَ الِابْنِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخُو الْغَائِبِ وَأَنَّهُ مَاتَ وَهُوَ وَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ أُمُّهُ أَوْ مَوْلَاهُ أَعْتَقَهُ أَوْ كَانَتْ امْرَأَةً فَادَّعَتْ أَنَّهَا عَمَّةُ الْمَيِّتِ أَوْ خَالَتُهُ أَوْ بِنْتُ أُخْتِهِ وَقَالَتْ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرِي وَادَّعَى آخَرُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لَهُ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ ثُلُثِ الْمَالِ وَصَدَّقَهُمَا ذُو الْيَدِ وَقَالَ لَا أَدْرِي أَلِلْمَيِّتِ وَارِثٌ غَيْرُكُمَا أَمْ لَا لَمْ يَكُنْ لِمُدَّعِي الْوَصِيَّةِ شَيْءٌ بِحُكْمِ هَذَا الْإِقْرَارِ وَيَدْفَعُ الْقَاضِي الْمَالَ إلَيْهِمْ هَكَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
فِي كِتَابِ الدَّعْوَى، وَالزَّوْجَاتُ وَمَوْلَى الْمُوَالَاةِ أَوْلَى مِنْ الْمُوصَى لَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ أَقَرَّ الَّذِي الْمَالُ فِي يَدَيْهِ أَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ مَاتَ وَأَنَّ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَيْهِ أَلْفًا سَأَلَهُ الْقَاضِي أَتَرَكَ وَارِثًا فَإِنْ قَالَ نَعَمْ يَجْعَلُ بَيْنَهُمَا خُصُومَةً وَإِنْ قَالَ لَا، تَأَنَّى الْقَاضِي فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَجِئْ وَارِثٌ جَعَلَ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا فَإِنْ ثَبَتَ الدَّيْنُ دَفَعَهُ إلَى الْغَرِيمِ وَإِلَّا جَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا.
رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ مَالٌ لِرَجُلٍ مَاتَ صَاحِبُ الْمَالِ وَأَقَرَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ وَأَقَرَّ أَيْضًا أَنَّهُ أَوْصَى لِهَذَا الرَّجُلِ الْآخَرِ بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ وَقَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِي بِجَمِيعِ هَذَا الْمَالِ وَمَا أَوْصَى لَك بِشَيْءٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا وَلَوْ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ قَالَ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ مَالِهِ وَأَقَرَّ أَيْضًا أَنَّ هَذَا أَخُوهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ وَوَارِثُهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَتَكَاذَبَا بَيْنَهُمَا فَإِنَّ ثُلُثَ الْمَالِ لِصَاحِبِ الْوَصِيَّةِ وَالثُّلُثَيْنِ لِلْأَخِ وَلَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ مَالِهِ وَقَالَ أَيْضًا إنَّ الْمَيِّتَ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ أَوْ مَوْلَاهُ مَوْلَى عَتَاقَةٍ أَوْ مَوْلَى مُوَالَاةٍ لِي وَأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَالْمَالُ كُلُّهُ لِلْوَارِثِ الْمُقَرِّ لَهُ وَالْمَوْلَى كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ ادَّعَى رَجُلٌ أَنَّ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّهُ مَاتَ وَصَدَّقَهُ الَّذِي قِبَلَهُ الْمَالُ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى ذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ وَارِثٌ فَإِنْ أَقَرَّ الْغَرِيمُ وَالْمُدَّعِي أَنَّهُ لَا وَارِثَ لِلْمَيِّتِ تَأَنَّى الْقَاضِي فِي ذَلِكَ ثُمَّ جَعَلَ لِلْمَيِّتِ وَصِيًّا يَقْبِضُ الْمَالَ الَّذِي قِبَلَهُ ثُمَّ يُقَالُ لِلْمُدَّعِي أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى حَقِّك فَإِنْ أَقَامَهَا قَضَى لَهُ فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ حَيًّا رَدَّ الْقَاضِي الْقَضَاءَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلِكًا وَكَانَ أَصْلُهُ دَيْنًا فَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يَضْمَنَ الَّذِي كَانَ الْمَالُ قِبَلَهُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ غَصْبًا فَإِنْ شَاءَ ضَمِنَ الْقَابِضُ وَإِنْ كَانَ أَصْلُهُ وَدِيعَةً فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَابِضِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْوَدِيعَةُ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ وَصَلَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ أَوْصَى بِهِ إلَيْهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْقَابِضِ فَإِنْ لَمْ يَجِئْ صَاحِبُ الْمَالِ حَيًّا وَحَضَرَ وَارِثُهُ وَجَحَدَ الدَّيْنَ فَالْقَضَاءُ مَاضٍ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا.
وَلَوْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ قَالَ إنَّ الْمَيِّتَ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ مَالِهِ لَكِنْ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ عَلَى الْمَيِّتِ كَذَا وَكَذَا وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ يَدَّعِي الْوِصَايَةَ وَيُنْكِرُ الدَّيْنَ وَقَدْ أَقَرُّوا جَمِيعًا أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَدَّعِ وَارِثًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ فِي ذَلِكَ زَمَانًا ثُمَّ يَقُولُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَقِمْ الْبَيِّنَةَ عَلَى دَيْنِك فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ اسْتَحْلَفَ الْمُوصَى لَهُ عَلَى عِلْمِهِ مَا يَعْلَمُ هَذَا الدَّيْنَ لِهَذَا عَلَى الْمَيِّتِ فَإِنْ حَلَفَ أَعْطَاهُ الْمَالَ وَلَمْ يُعْطِ الْغَرِيمَ شَيْئًا وَلَوْ أَنَّ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ قَالَ الْمَيِّتُ أَوْصَى لِهَذَا بِجَمِيعِ الْمَالِ وَلَا أَدْرِي أَتَرَكَ وَارِثًا أَمْ لَا فَقَالَ لَهُ الْمُوصَى لَهُ أَعْطِنِي فَإِنَّهُ لِي عَلَى كُلِّ حَالٍ تَرَكَ وَارِثًا أَوْ لَمْ يَتْرُكْ فَالْقَاضِي لَا يَدْفَعُ إلَيْهِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَنَّ الَّذِي قِبَلَهُ الْمَالُ قَالَ لِلْقَاضِي هَذَا الْمَالُ لِرَجُلٍ مَاتَ وَلَمْ يَدَّعِ وَارِثًا تَأَنَّى الْقَاضِي فِي ذَلِكَ وَأَخَذَ كَفِيلًا بِنَفْسِهِ فَإِنْ حَضَرَ الْوَارِثُ أَوْ مُوصًى لَهُ وَإِلَّا أَخَذَ الْمَالَ وَجَعَلَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ قَسَّمَهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُ الْمَالِ حَيًّا وَكَانَ الْمَالُ دَيْنًا عَلَى الْغَرِيمِ عَوَّضَ الْغَرِيمَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ غَصْبًا فَصَاحِبُهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمِنَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ مِثْلَهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ أَخَذَ مِنْ الْغَاصِبِ رَجَعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ وَدِيعَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُسْتَوْدَعِ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الْمَالُ وَصِيًّا فِي الْمَالِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُعَوَّضُ صَاحِبُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ صَاحِبُ الْمَالِ حَيًّا وَجَاءَ ابْنُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي كَانَ الْمَالُ قِبَلَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُعَوَّضُ الِابْنُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَذَا فِي مُخْتَصَرِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ فِي الْإِقْرَارِ بِالْقَتْلِ وَالْجِنَايَةِ):

إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً وَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِهِ عَلَى آخَرَ، وَالْوَلِيُّ ادَّعَى ذَلِكَ كُلَّهُ فَعَلَى الْمُقِرِّ نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْآخَرِ وَعَلَى هَذَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِالْقَتْلِ عَمْدًا أَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى آخَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَالْوَلِيُّ ادَّعَى الْقَتْلَ عَمْدًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْمُقِرَّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ الْآخَرَ وَلَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ فِي فَصْلِ الْخَطَأِ ادَّعَى الْكُلَّ عَلَى الْمُقِرِّ وَجَبَتْ الدِّيَةُ بِكَمَالِهَا فِي مَالِهِ وَلَوْ ادَّعَى الْقَتْلَ كُلَّهُ عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَجَبَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ كَمَلًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ أَنَّهُ قَتَلَ فُلَانًا عَمْدًا وَحْدَهُ وَأَقَرَّ الْآخَرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ وَقَالَ الْوَلِيُّ قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ هَذَا الرَّجُلَ وَشَهِدَ آخَرَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ قَتَلَ هَذَا الرَّجُلَ وَقَالَ الْوَلِيُّ قَتَلْتُمَاهُ جَمِيعًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ لِأَحَدِهِمَا أَنْتَ قَتَلْتَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ وَلَوْ قَالَ لَهُمَا صَدَقْتُمَا جَمِيعًا فِي مَقَالَتِكُمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ وَاحِدًا مِنْهُمَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
لَوْ أَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ بِالْمِلْكِ لِغَيْرِهِ فِي عَبْدٍ مَعْرُوفٍ لِلْمُقِرِّ فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الْمِلْكِ وَالْجِنَايَةِ جَمِيعًا يُقَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ ادْفَعْ الْعَبْدَ أَوْ افْدِهِ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيهِمَا لَا يَكُونُ الْمُقِرُّ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْمِلْكِ وَكَذَّبَهُ فِي الْجِنَايَةِ صَارَ الْمُقِرُّ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ وَلَوْ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ إنْ صَدَّقَهُ فِيهِمَا فَالْخَصْمُ هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ وَإِنْ كَذَّبَهُ فِيهِمَا فَالْخَصْمُ هُوَ الْمُقِرُّ وَإِنْ صَدَّقَهُ فِي الْمِلْكِ وَكَذَّبَهُ فِي الْجِنَايَةِ هُدِرَتْ الْجِنَايَةُ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَجْهُولًا لَا يَدْرِي أَنَّهُ لِلْمُقِرِّ أَوْ لِغَيْرِهِ فَأَقَرَّ بِالْجِنَايَةِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْمِلْكِ أَوَّلًا ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ وَلَوْ قَالَ كُنْتُ بِعْتُهُ مِنْ فُلَانٍ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَصَدَّقَهُ فُلَانٌ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِوَرَثَةِ فُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ بَيْنَهُمْ عَلَى الْمِيرَاثِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْحَمْلُ وَلَوْ قَالَ لِوَلَدِ فُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَهُوَ بَيْنَهُمْ بِالسَّوِيَّةِ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَمْلُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنِّي تَزَوَّجْتُك وَأَنَا صَبِيٌّ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا بَلْ يُسْأَلُ هَلْ أَجَازَ وَالِدُك فَإِنْ قَالَ لَا قِيلَ لَهُ هَلْ أُجِزْت بَعْدَ بُلُوغِك فَإِنْ قَالَ لَا قِيلَ لَهُ هَلْ تُجِيزُ الْآنَ فَإِنْ قَالَ لَا الْآنَ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا كَذَا فِي الْوَاقِعَاتِ الْحُسَامِيَّةِ.
فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مِيرَاثِ فُلَانٍ فَإِنْ أَقَرَّ الْمُقَرُّ لَهُ بِمَا قَالَ الْمُقِرُّ أَخَذَهَا وَرَثَةُ فُلَانٍ مِنْ الْمُقِرِّ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُقَرُّ لَهُ ذَلِكَ فَلَا سَبِيلَ لِوَرَثَةِ فُلَانٍ عَلَى أَحَدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْفَصْلِ الْحَادِيَ عَشَرَ مِنْ الْإِقْرَارِ.
عَبْدٌ قَتَلَ رَجُلًا خَطَأً وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْلَاهُ حَتَّى أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ فُلَانٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ ثُمَّ أَوْدَعَهُ وَكَذَّبَهُ وَلِيُّ الْجِنَايَةِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ وَيُؤْمَرُ بِتَسْلِيمِ الْعَبْدِ إلَى وَلِيِّ الْجِنَايَةِ أَوْ الْفِدَاءِ، فَإِنْ دَفَعَ ثُمَّ حَضَرَ الْغَائِبُ فَإِنْ كَذَّبَهُ فَالدَّفْعُ مَاضٍ وَإِنْ صَدَّقَهُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ وَيَغْرَمَ صَاحِبُ الْعَبْدِ الْقِيمَةَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ قَالَ بِعْت وَأَنَا أَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَلَا سَبِيلَ لِوَلِيِّ الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ كَذَّبَهُ الْمَقَرُّ لَهُ أَوْ صَدَّقَهُ كَذَا فِي التَّحْرِيرِ شَرْحِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ.
ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ قَالَ لِهَذَا عَلَيَّ مِثْلُ مَا لِهَذَا عَلَيَّ وَلَمْ يَكُنْ أَقَرَّ لِآخَرَ بِشَيْءٍ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ وَلَا تَقَدَّمَ هَذَا الْكَلَامَ شَيْءٌ يَدُلُّ عَلَى مَا لِلْآخَرِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُقِرُّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَا شَاءَ فَإِنْ أَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ يَسْتَحِقَّ هَذَا أَلْفًا وَكَانَ لِلْمُقِرِّ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِمَا شَاءَ وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ لِهَذَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِثْلُ مَا لِهَذَا عَلَيَّ دِينَارٌ فَلِلْأَوَّلِ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلِلثَّانِي عَلَيْهِ دِينَارٌ وَلَوْ قَالَ لِهَذَا عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَسَكَتَ ثُمَّ قَالَ وَلِهَذَا عَلَيَّ مِثْلُ مَا لِهَذَا فَإِنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ وَكَلَامٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَقَرَّ بِعَبْدِ رَجُلٍ أَنَّهُ لِفُلَانٍ وَجَحَدَ الَّذِي فِي يَدِهِ ثُمَّ قَالَ الْمُقِرُّ إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يَقْضِي لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ حُرٌّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِنْ بَدَأَ فَقَالَ هُوَ حُرٌّ ثُمَّ قَالَ هُوَ لِفُلَانٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَهُوَ حُرٌّ وَإِنْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ لِآخَرَ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِهِ لِلْأَوَّلِ وَلَوْ أَمَرَهُ رَجُلٌ بَعْدَ الْإِقْرَارَيْنِ بِشِرَائِهِ لَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ كَانَ الْآمِرُ أَحَقَّ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي الْمُنْتَقَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً ثُمَّ قَالَ ضَاعَتْ قَبْلَ إقْرَارِي لَا يُصَدَّقُ وَهُوَ ضَامِنٌ وَلَوْ قَالَ كَانَ لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ فَضَاعَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ وَدِيعَةً ضَاعَتْ وَوَصَلَ الْكَلَامَ صُدِّقَ اسْتِحْسَانًا وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ وَقَدْ ضَاعَتْ أَمْسِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ ثَوْبًا هَرَوِيًّا فَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ ثَوْبٍ هَرَوِيٌّ صُدِّقَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ يُحَلِّفَهُ قَبْلَ هَذَا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْصَرِفَ إقْرَارُهُ إلَى الْوَسَطِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ وَلَمْ يُسَمِّ جِنْسَهُ فَأَيُّ ثَوْبٍ جَاءَ بِهِ قُبِلَ مِنْهُ اللَّبِيسُ وَالْجَدِيدُ فِيهِ سَوَاءٌ وَلَا يُتْرَكُ حَتَّى يُعْطِيَ ثَوْبًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي إقْرَارِ الرَّجُلِ بِاتِّحَادِ السَّبَبِ.
وَإِذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ دَارًا أَوْ أَرْضًا أَوْ نَخْلًا أَوْ بُسْتَانًا كَانَ هَذَا إقْرَارًا بِالْغَصْبِ فَيُؤْمَرُ بِرَدِّ الْعَيْنِ إنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَدِّهَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الْآخَرُ لَا يَضْمَنُ الْقِيمَةَ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْأَوَّلُ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَضْمَنُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي الْإِقْرَارِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْحَيَوَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَإِذَا أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ عَبْدًا أَوْ ادَّعَى ذَلِكَ فُلَانٌ قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَبْدٌ وَسَطٌ أَوْ قِيمَةُ عَبْدٍ وَسَطٍ وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي الْعَبْدِ وَفِي قِيمَتِهِ وَكَذَلِكَ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ إذَا قَالَ إنَّ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ بَعِيرًا كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا قَالَ عَلَيَّ عَبْدٌ قَرْضٌ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ عَبْدٍ وَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ بِدَابَّةٍ كَانَ عَلَيْهِ قِيمَةُ أَيِّ الدَّوَابِّ شَاءَ فَإِنْ جَاءَ بِدَابَّةٍ وَقَالَ هِيَ هَذِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إنْ جَاءَ بِفَرَسٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ أَوْ حِمَارٍ أَوْ بَعِيرٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي فَصْلِ مَا يَكُونُ إقْرَارًا بِشَيْءٍ أَوْ بِشَيْئَيْنِ.
وَفِي كِتَابِ الْعِلَلِ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ فُلُوسٌ فَإِنَّ عَلَيْهِ فُلُوسًا تُسَاوِي دِرْهَمًا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِينَارٌ دَرَاهِمُ فَعَلَيْهِ دَرَاهِمُ تُسَاوِي دِينَارًا وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ بِدِرْهَمٍ فُلُوسٌ فَإِنَّ هَذَا بَيْعٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِعْتُ مِنْهُ فُلُوسًا بِدِرْهَمٍ وَيَكُونُ بَيَانُ الْفُلُوسِ إلَيْهِ أَنَّهَا كَمٌّ وَفِي الْمُنْتَقَى إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دَقِيقٌ فَعَلَيْهِ دَقِيقٌ يُسَاوِي دِرْهَمًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَقَرَّ لَهُ بِحَقٍّ فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ مِلْكٍ أَوْ شِرَاءٍ يُبَيِّنُ وَيَحْلِفُ عَلَى فَضْلٍ يَدَّعِيهِ الْخَصْمُ وَإِنْ أَبَى أَنْ يُسَمِّيَ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي أَنِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ أَوْ رُبُعٌ حَتَّى يَصِلَ إلَى مِقْدَارٍ يُعْلَمُ فِي الْعُرْفِ أَنَّهُ لَا يُمْلَكُ أَقَلُّ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ ثُمَّ يُسْتَحْلَفُ عَلَى الزِّيَادَةِ فَإِنْ قَالَ حَقُّهُ فِيهَا هَذَا الْجَذَعُ أَوْ الْبَابُ الْمُرَكَّبُ أَوْ الْبِنَاءُ بِغَيْرِ أَرْضٍ أَوْ حَقِّ الزِّرَاعَةِ أَوْ السُّكْنَى بِالْإِجَارَةِ لَا يُصَدَّقُ إلَّا إذَا وَصَلَ بِكَلَامِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَيْنٌ وَأَبَى أَنْ يُبَيِّنَ فَالْقَاضِي يُسَمِّي لَهُ الدَّيْنَ دَرَجَةً فَدَرَجَةً حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَقَلِّ مَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الدَّيْنِ بِحُكْمِ الْعُرْفِ فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَإِلَّا لَزِمَهُ ذَلِكَ الْمِقْدَارُ وَيَحْلِفُ عَلَى الزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لِفُلَانٍ اشْتَرَيْته مِنْهُ فَوَصَلَ بِإِقْرَارِهِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الشِّرَاءِ قُبِلَتْ بَيِّنَتُهُ اسْتِحْسَانًا وَلَوْ قَالَ بَعْدَ مَا سَكَتَ اشْتَرَيْتُهُ مِنْهُ قَبْلَ الْإِقْرَارِ أَوْ وَهَبَهُ لِي أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَى ذَلِكَ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ إقْرَارِ الرَّجُلِ فِي نَصِيبِهِ.
فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا قَالَ لِأَخِي عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ سَمَّاهُ وَلَهُ أَخٌ عَلَى ذَلِكَ الِاسْمِ لَزِمَهُ وَلَوْ قَالَ لِابْنِي وَلَمْ يُسَمِّهِ وَلَهُ ابْنٌ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِي ابْنٌ آخَرُ وَإِيَّاهُ عَنَيْت فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَإِنْ سَمَّاهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى غَيْرِهِ قَالَ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ اتَّفَقَ عَلَيْهِ اسْمَانِ عُمَرُ وَعُمَرُ وَسَالِمٌ وَسَالِمٌ فَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ بَاطِلٌ وَالطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ يَقَعَانِ وَلَهُ أَنْ يُبَيِّنَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ مِقْدَارًا وَأَضَافَهُ إلَى صِنْفَيْنِ مِنْ الْمَالِ يَجِبُ النِّصْفُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ أَضَافَ الْمِقْدَارَ إلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ كَمَا لَوْ أَضَافَ إلَى رَجُلَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ كَانَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَالْمُسَاوَاةُ فِي الْإِضَافَةِ تَقْتَضِي التَّوْزِيعَ عَلَى سَبِيلِ السَّوِيَّةِ لَوْ قَالَ اسْتَوْدَعَنِي عَشَرَةَ أَثْوَابٍ هَرَوِيَّةٍ وَمَرْوِيَّةٍ كَانَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ مِائَتَا مِثْقَالٍ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ وَلَيْسَ لِلْمُقَرِّ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ الْفِضَّةَ أَكْثَرَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقِرِّ فِي الْجَيِّدِ مِنْ ذَلِكَ وَالرَّدِيءِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ قَرْضٌ وَوَدِيعَةٌ فَهُوَ ضَامِنٌ لِنِصْفِهَا قَرْضًا وَالنِّصْفُ الْآخَرُ وَدِيعَةً وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ قِبَلِي أَلْفُ دِرْهَمٍ مُضَارَبَةٌ وَقَرْضٌ فَإِنْ وَصَلَ الْكَلَامَ فَقَالَ ثَلَثُمِائَةٍ مِنْهَا قَرْضٌ وَسَبْعُمِائَةٍ مُضَارَبَةٌ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَإِنْ فَصَلَ الْكَلَامَ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ كَذَا فِي الْحَاوِي.
قَالَ لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ هِبَةٌ وَوَدِيعَةٌ فَكُلُّهَا وَدِيعَةٌ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَلَوْ قَالَ أَوْدِعْنِي ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ زُطِّيٍّ وَيَهُودِيٍّ يَلْزَمُهُ زُطِّيٌّ وَيَهُودِيٌّ وَالْبَيَانُ فِي الثَّالِثِ إلَيْهِ إنْ شَاءَ جَعَلَهُ زُطِّيًّا وَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ يَهُودِيًّا مَعَ يَمِينِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ قَالَ عَلَيْهِ قَفِيزٌ مِنْ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ إلَّا رُبْعًا فَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ قَفِيزٍ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
لَوْ قَالَ عَلَيَّ كُرُّ حِنْطَةٍ وَشَعِيرٍ وَسِمْسِمٍ كَانَ أَثْلَاثًا يَلْزَمُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ نِصْفُ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ وَثَوْبٍ فَعَلَيْهِ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ نِصْفُ كُرِّ حِنْطَةٍ وَكُرِّ شَعِيرٍ وَكُرِّ تَمْرٍ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَيَّ نِصْفُ هَذَا الْعَبْدِ وَهَذِهِ الْأَمَةِ وَلَوْ قَالَ لَهُ نِصْفُ هَذَا الْكُرِّ حِنْطَةٌ وَكُرٌّ شَعِيرٌ فَعَلَيْهِ مِنْ الشَّعِيرِ كُرٌّ كَامِلٌ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ غَصَبْت فُلَانًا نِصْفَ عَبْدِهِ الْأَمَةَ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ نِصْفَ دِرْهَمٍ وَهَذَا الدِّينَارُ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ عَبْدًا فَقَالَ الْعَبْدُ لِلْوَارِثِ أَعْتَقَنِي أَبُوك وَقَالَ رَجُلٌ آخَرُ لِي عَلَى أَبِيك أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ فَقَالَ الْوَارِثُ صَدَقْتُمَا فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الدَّيْنُ أَوْلَى وَسَعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ وَقَالَا لَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ لَهُ غُلَامٌ وَلِآخَرَ جَارِيَةٌ فَشَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبهِ أَنَّهُ أَعْتَقَ مَمْلُوكَهُ وَكَذَّبَهُ صَاحِبُهُ ثُمَّ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اشْتَرَى مَمْلُوكَ صَاحِبِهِ بِمَمْلُوكِهِ جَازَ الشِّرَاءُ، وَعِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مَنْ اشْتَرَاهُ قَبَضَ وَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ مَا اشْتَرَاهُ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَلَى السَّوَاءِ وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ وَلَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِالْفَضْلِ وَكَذَلِكَ لَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ أَنَّهُ دَبَّرَ مَمْلُوكَهُ يَتَعَلَّقُ عِتْقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمَوْتِ بَائِعِهِ لَا يَمُوتُ الْمُشْتَرِي وَيَتَوَقَّفُ الْوَلَاءُ.
وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّ الْمَمْلُوكَ الَّذِي فِي يَدِهِ لِفُلَانٍ وَهُوَ رَجُلٌ مَعْرُوفٌ وَكَذَّبَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ثُمَّ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَمْلُوكَ صَاحِبِهِ بِمَمْلُوكِهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَرُدُّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا اشْتَرَاهُ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَهَذَا إذَا صَدَّقَهُ الْمَقَرُّ لَهُ وَأَمَّا إذَا كَذَّبَهُ فَلَا يُؤْمَرُ بِالتَّسْلِيمِ وَلَا يَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ قِيمَةَ مَا اشْتَرَى وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةِ مَا بَاعَهُ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ دَبَّرَ مَمْلُوكَهُ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَيْهِ أَنَّ الَّذِي فِي يَدِهِ مِلْكُ فُلَانٍ، وَفُلَانٌ يَدِّعِيهِ وَكَذَّبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ ثُمَّ تَبَايَعَا فَالْمُقِرُّ بِهِ مِنْ مُشْتَرِيهِ وَاَلَّذِي أَقَرَّ بِالتَّدْبِيرِ يَصِيرُ مَا اشْتَرَاهُ مُدَّبَّرًا مَوْقُوفَ الْوَلَاءِ، وَالْبَيْعُ جَائِزٌ بَيْنَهُمَا وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ كَاتَبَ مَمْلُوكَهُ ثُمَّ تَبَايَعَا وَارْتَفَعَا إلَى الْقَاضِي فَإِنْ أَنْكَرَ الْمَمْلُوكَانِ الْكِتَابَةَ بَقِيَا.
مَرْقُوقَيْنِ وَحُكِمَ بِجَوَازِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا وَإِنْ ادَّعَيَا الْكِتَابَةَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَسْأَلُ الْغُلَامَيْنِ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَلَوْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ يَقْضِي بِكِتَابَتِهِ وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَائِعَيْنِ لِلْعَبْدِ الَّذِي بَاعَهُ بِاَللَّهِ مَا كَاتَبَهُ فَإِنْ حَلَفَ جَازَ الْبَيْعُ وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدًا لِلَّذِي اشْتَرَاهُ.
وَإِنْ نَكَلَا يَقْضِي بِكِتَابَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالتَّدْبِيرِ وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِالْكِتَابَةِ ثُمَّ تَبَايَعَا فَاَلَّذِي شَهِدَ بِالتَّدْبِيرِ يَصِيرُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مُدَبَّرًا مِنْ مَالِهِ وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ بَائِعِهِ بِإِقْرَارِهِ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ، وَاَلَّذِي شَهِدَ بِالْكِتَابَةِ فَمَا اشْتَرَاهُ يَكُونُ مَمْلُوكًا عِنْدَ فَسْخِ الْكِتَابَةِ، يَحْلِفُ الْبَائِعُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِالْبَيْعِ فِي فَسَادٍ أَوْ غَيْرِ فَسَادٍ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

.(كِتَابُ الصُّلْحِ):

(وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ بَابًا):

.(الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي تَفْسِيرِهِ شَرْعًا وَرُكْنِهِ وَحُكْمِهِ وَشَرَائِطِهِ وَأَنْوَاعِهِ):

(أَمَّا تَفْسِيرُهُ شَرْعًا) فَهُوَ أَنَّهُ عَقْدٌ وُضِعَ لِرَفْعِ الْمُنَازَعَةِ بِالتَّرَاضِي هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَأَمَّا رُكْنُهُ فَالْإِيجَابُ مُطْلَقًا وَالْقَبُولُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ كَذَا فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ.
فَإِذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِيمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي: (صلح كَيْ أَزِيَن مُدَّعَى با مِنْ بِدِرْهَمِ كه بتوميدهم) فَقَالَ الْمُدَّعِي: فَعَلْتُ لَا يَتِمُّ الصُّلْحُ مَا لَمْ يَقُلْ الطَّالِبُ قَبِلْتُ وَكَذَلِكَ إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ نَحْوُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَطَلَبِ الصُّلْحِ عَلَى جِنْسٍ آخَرَ فَأَمَّا إذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى فِي الدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ وَطَلَبِ الصُّلْحِ مِنْهُ عَلَى ذَلِكَ الْجِنْسِ يَتِمُّ الصُّلْحُ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي فَعَلْتُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَنَّ هَذَا طَلَبُ إسْقَاطِ بَعْضِ الْحَقِّ، وَالْإِسْقَاطُ يَتِمُّ بِالْمُسْقِطِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ هُوَ أَنْ يَقُولَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَالَحْتُك مِنْ كَذَا عَلَى كَذَا وَمِنْ دَعْوَاك كَذَا عَلَى كَذَا وَيَقُولُ الْآخَرُ قَبِلْتُ أَوْ رَضِيتُ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى قَبُولِهِ وَرِضَاهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
رَجُلٌ ادَّعَى عَلَى آخَرَ شَيْئًا فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (بِرّ جندين فَرَضَ كردم) فَقَالَ (كَرِدِّ) يَكُونُ صُلْحًا عَلَى ذَلِكَ الْمَبْلَغِ كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
(أَمَّا) (حُكْمُهُ) فَوُقُوعُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلِ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْمُصَالَحِ عَنْهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّمْلِيكَ كَالْمَالِ، وَوُقُوعُ الْبَرَاءَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَا يَحْتَمِلُ التَّمَلُّكَ كَالْقِصَاصِ هَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ وَفِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ ثُبُوتُ الْمِلْكِ فِي الْبَدَلِ لِلْمُدَّعِي وَوُقُوعُ الْبَرَاءَةِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الدَّعْوَى سَوَاءٌ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مَالًا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(وَأَمَّا شَرَائِطُهُ فَأَنْوَاعٌ) مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَاقِلًا فَلَا يَصِحُّ صُلْحُ الْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَصُلْحُ السَّكْرَانِ جَائِزٌ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونَ الْمُصَالَحُ بِالصُّلْحِ عَلَى الصَّغِيرِ مُضِرًّا بِهِ مَضَرَّةً ظَاهِرَةً حَتَّى أَنَّ مَنْ ادَّعَى عَلَى صَبِيٍّ دَيْنًا فَصَالَحَ أَبُو الصَّبِيِّ مَنْ دَعْوَاهُ عَلَى مَالِ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ وَمَا أَعْطَى مِنْ الْمَالِ مِثْلَ الْحَقِّ الْمُدَّعَى أَوَزِيَادَةً يَتَغَابَنُ فِي مِثْلِهَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ صَالَحَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ جَازَ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمُصَالِحُ عَلَى الصَّغِيرِ مِمَّنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي مَالِهِ كَالْأَبِ وَالْجَدِّ وَالْوَصِيِّ.
(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَكُونُ مُرْتَدًّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا صُلْحُهُ نَافِذٌ عَلَى أَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ مَوْقُوفَةٌ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا نَافِذَةٌ وَصُلْحُ الْمُرْتَدَّةِ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَأَمَّا الْبُلُوغُ وَالْحُرِّيَّةُ فَلَيْسَا بِشَرْطٍ فَصَحَّ الصُّلْحُ مِنْ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ إنْ نَفَعَ أَوْ عَرِيَ عَنْ الضَّرَرِ، وَمِنْ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا كَانَ لَهُ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَكِنْ لَا يَمْلِكُ الصُّلْحُ عَلَى حَطِّ بَعْضِ الْحَقِّ إذَا كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَيَمْلِكُ التَّأْجِيلَ مُطْلَقًا وَحَطَّ بَعْضِ الثَّمَنِ لِلْعَيْبِ وَمِنْ الْمُكَاتَبِ هَكَذَا فِي الْغَرَرِ.
وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَالًا مَعْلُومًا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ إلَى قَبْضِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضِهِ فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مَالًا سَوَاءٌ كَانَ مَعْلُومًا أَوْ مَجْهُولًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا ادَّعَى عَيْنَ مَالٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ كَالدَّارِ وَالْأَرْضِ وَالْعَبْدِ وَغَيْرِهَا وَادَّعَى كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُقِرٌّ بِهِ أَوْ جَاحِدٌ أَوْ سَاكِتٌ فَإِنْ كَانَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ عَيْنِهَا فَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ مِقْدَارِهَا يَقَعُ عَلَى الْجِيَادِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ فَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نُقُودٌ مُخْتَلِفَةٌ يَقَعُ عَلَى الْغَالِبِ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِبَعْضِهَا غَلَبَةٌ عَلَى الْبَعْضِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ مَا لَمْ يُبَيِّنْ نَقْدًا مِنْهَا مَعَ بَيَانِ الْقَدْرِ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهَا حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً وَقَبَضَ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً جَازَ الصُّلْحُ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ وَلَا يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا حَتَّى أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْبِسَهَا وَيُعْطِيَ الْمُدَّعِيَ مِثْلَهَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ هَلَكَتْ فِي يَدِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ إلَى الْمُدَّعِي أَوْ اُسْتُحِقَّتْ لَا يَبْطُلُ الْعَقْدُ وَعَلَيْهِ تَسْلِيمُ مِثْلِهَا وَإِنْ اخْتَلَفَ فِي قَدْرِهَا وَوَصْفِهَا بَعْدَ الْهَلَاكِ فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيَتَرَادَّانِ الصُّلْحَ وَكَذَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الدَّنَانِيرِ فِي جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا وَلَوْ صَالَحَ مَنْ دَعْوَاهُ عَلَى كَيْلِيٍّ كَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ أَوْ وَزْنِيٍّ كَالْحَدِيدِ وَالصِّفْرَانِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَأَضَافَ الْعَقْدَ إلَيْهِ وَهُوَ حَاضِرٌ أَوْ غَائِبٌ بَعْدَ أَنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مِلْكِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ صَحَّ وَيَقَعُ ذَلِكَ عَلَى مَا سَمَّى مِنْ الْكَيْلِيِّ وَالْوَزْنِيِّ وَإِنْ أَشَارَ إلَيْهِ وَلَمْ يُسَمِّ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ جَازَ وَيَتَعَيَّنُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ فَإِنْ ضَرَبَ الْأَجَلَ.
فِي الْحِنْطَةِ إذَا كَانَتْ بِعَيْنِهَا كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَهَذَا لَا يَصِحُّ.
ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ فَالشَّرْطُ فِيهِ بَيَانُ الْقَدْرِ وَالْوَصْفِ، وَبَيَانُ الْأَجَلِ فِيهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ كَذَا ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَيْضًا وَلَوْ بَيَّنَ الْأَجَلَ جَازَ وَثَبَتَ الْأَجَلُ وَلَوْ صَالَحَ عَلَى ثِيَابٍ فَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً جَازَ الصُّلْحُ وَالشَّرْطُ فِيهِ الْإِشَادَةُ لَا غَيْرُ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ حَتَّى يَأْتِيَ بِجَمِيعِ شَرَائِطِ السَّلَمِ وَلَوْ صَالَحَ مَنْ دَعْوَاهُ عَلَى حَيَوَانٍ أَوْ عَلَى مَا لَا يَجُوزُ السَّلَمُ لِجَهَالَتِهِ فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا هَكَذَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمَالُ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ مُتَقَوِّمًا فَلَا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَكَذَا إذَا صَالَحَ عَلَى دَنٍّ مِنْ خَلٍّ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لِلْمُصَالِحِ حَتَّى إذَا صَالَحَ عَلَى مَالٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي لَمْ يَصِحَّ الصُّلْحُ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ (وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ مِمَّا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ مَالًا أَوْ غَيْرَ مَالٍ نَحْوَ الْقِصَاصِ مَجْهُولًا كَانَ أَوْ مَعْلُومًا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَقَّ الْعَبْدِ لَا حَقَّ اللَّهِ سَوَاءٌ كَانَ مَالًا عَيْنًا أَوْ دَيْنًا أَوْ حَقًّا لَيْسَ بِمَالِ عَيْنٍ وَلَا دَيْنٍ حَتَّى لَا يَصِحُّ الصُّلْحُ مِنْ حَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ بِأَنْ أَخَذَ زَانِيًا أَوْ سَارِقًا مِنْ غَيْرِهِ أَوْ شَارِبَ الْخَمْرِ فَصَالَحَهُ عَلَى مَالٍ أَنْ لَا يُرَافِعَهُ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ أَخَذَ سَارِقًا فِي دَارِهِ بَعْدَمَا أَخْرَجَ السَّرِقَةَ مِنْ الدَّارِ فَصَالَحَهُ السَّارِقُ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ حَتَّى كَفَّ عَنْهُ لَا يَجِبُ الْمَالُ عَلَى السَّارِقِ وَيَبْرَأُ عَنْ الْخُصُومَةِ إذَا دَفَعَ السَّرِقَةَ إلَى صَاحِبِهَا وَلَوْ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ بَعْدَمَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ ذَلِكَ بِلَفْظِ الْعَفْوِ لَا يَصِحُّ الْعَفْوُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ وَالْبَرَاءَةِ عِنْدَنَا يَسْقُطُ الْقَطْعُ هَكَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ كَحَقِّ الشُّفْعَةِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ فِي حَدِّ الْقَذْفِ قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ إلَى الْقَاضِي لَا يَجِبُ الصُّلْحُ وَيَسْقُطُ الْحَدُّ وَإِنْ صَالَحَ فِيهِ بَعْدَ التَّرَافُعِ إلَى الْقَاضِي لَا يَجِبُ الْبَدَلُ وَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ، وَلَوْ صَالَحَ شَاهِدًا يُرِيدُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ عَلَى مَالٍ عَلَى أَنْ لَا يَشْهَدَ عَلَيْهِ فَهُوَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى بَاطِلٌ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ مَا أَخَذَ وَيَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ التَّعْزِيرِ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَاَلَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ فَتْوَى أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ دَعْوَى فَاسِدَةٍ لَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا لَا يَصِحُّ وَاَلَّذِي يُمْكِنُ تَصْحِيحُهَا كَمَا إذَا تَرَكَ ذِكْرَ حَدٍّ أَوْ غَلِطَ فِي أَحَدِ الْحُدُودِ كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَأَمَّا أَنْوَاعُهُ بِحَسَبِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَثَلَاثَةٌ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
صُلْحٌ مَعَ إقْرَارٍ وَصُلْحٌ مَعَ سُكُوتٍ وَهُوَ أَنْ لَا يُقِرَّ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُنْكِرُوا صُلْحًا مَعَ إنْكَارٍ وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ اُعْتُبِرَ فِيهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْبَيَّاعَاتِ إنْ وَقَعَ عَنْ مَالٍ بِمَالٍ فَتُجْرَى فِيهِ الشُّفْعَةُ إذَا كَانَ عَقَارًا وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَيَثْبُتُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ وَالشَّرْطِ وَتُفْسِدُهُ جَهَالَةُ الْبَدَلِ دُونَ جَهَالَةِ الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَتُشْتَرَطُ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِ الْبَدَلِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَلَوْ كَانَا نَقْدَيْنِ لَهُمَا حُكْمُ الصَّرْفِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقْبِضْ الْمُصَالَحُ عَلَيْهِ فِي الْمَجْلِسِ يَبْطُلُ الصُّلْحُ كَذَا فِي التَّهْذِيبِ.
وَإِنْ وَقَعَ عَنْ مَالٍ بِمَنَافِعَ يُعْتَبَرُ بِالْإِجَارَاتِ فَيُشْتَرَطُ التَّوْقِيتُ فِيهَا وَيَبْطُلُ الصُّلْحُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا فِي الْمُدَّةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
حَتَّى لَوْ صَالَحَ عَلَى سُكْنَى بَيْتٍ بِعَيْنِهِ إلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ جَازَ وَإِنْ قَالَ أَبَدًا أَوْ حَتَّى يَمُوتَ لَا يَجُوزُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي مَنْفَعَةً فَإِنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَتَانِ مِنْ جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ كَمَا إذَا صَالَحَ مِنْ سُكْنَى دَارٍ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ يَجُوزُ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ كَانَتَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَالصُّلْحُ عَنْ السُّكُوتِ وَالْإِنْكَارِ فِي حَقِّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِافْتِدَاءِ الْيَمِينِ وَقَطْعِ الْخُصُومَةِ وَفِي حَقِّ الْمُدَّعِي بِمَعْنَى الْمُعَارَضَةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَأَمَّا أَنْوَاعُهُ بِحَسَبِ الْمُصَالَحِ عَلَيْهِ وَالْمُصَالَحِ عَنْهُ فَأَرْبَعَةٌ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَقَعَ عَنْ مَعْلُومٍ بِأَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي حَقًّا مَعْلُومًا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَصَالَحَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَالٍ مَعْلُومٍ وَأَنَّهُ جَائِزٌ وَإِمَّا عَنْ مَجْهُولٍ عَلَى مَجْهُولٍ وَأَنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ إنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ بِأَنْ ادَّعَى رَجُلٌ حَقًّا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ وَادَّعَى عَلَيْهِ حَقًّا فِي أَرْضٍ فِي يَدِ الْمُدَّعِي وَلَمْ يُسَمِّهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَعْوَاهُ قِبَلَ صَاحِبِهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ بِأَنْ اصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ أَحَدُهُمَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مَالًا وَلَمْ يُبَيِّنْهُ عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الْآخَرُ دَعْوَاهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ إلَيْهِ بِمَا ادَّعَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، أَمَّا عَنْ مَجْهُولٍ عَلَى مَعْلُومٍ وَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ إلَى تَسْلِيمِهِ لَا يَجُوزُ كَمَا لَوْ ادَّعَى حَقًّا فِي دَارٍ فِي يَدَيْ رَجُلٍ وَلَمْ يُسَمِّهِ فَاصْطَلَحَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُدَّعِي مَالًا مَعْلُومًا لِيُسَلِّمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَسْلِيمِهِ بِأَنْ اصْطَلَحَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَالًا مَعْلُومًا لِلْمُدَّعِي لِيَتْرُكَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِمَّا عَنْ مَعْلُومٍ عَلَى مَجْهُولٍ فَإِنَّهُ عَلَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ يَجُوزُ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْجَهَالَةَ لَا تُفْسِدُ الْعَقْدَ لِعَيْنِهَا بَلْ لِغَيْرِهَا وَهُوَ الْمُنَازَعَةُ الْمَانِعَةُ مِنْ التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فَالْجَهَالَةُ.
فِيهِ لَا تُقْضِي إلَى هَذِهِ الْمُنَازَعَةِ فَلَا تَمْنَعُ جَوَازَ الصُّلْحِ وَفِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى التَّسْلِيمِ وَالتَّسَلُّمِ فَالْجَهَالَةُ فِيهِ تُقْضِي إلَى مِثْلِ هَذِهِ الْمُنَازَعَةِ فَتَمْنَعُ جَوَازَ الصُّلْحِ هَكَذَا فِي النِّهَايَةِ.
إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى دَيْنٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَإِنْ وَقَعَ عَلَى عَيْنٍ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمَبِيعِ فَمَا يَصْلُحُ ثَمَنًا فِي الْبَيْعِ أَوْ مَبِيعًا يَصْلُحُ بَدَلًا فِي الصُّلْحِ وَمَا لَا فَلَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.